الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية جريح الثورة واللاجئ السياسي محمّد فاضل: في تونس لم أجد لا العلاج ولا الأمان ولاحتى حقّي في الوطن

نشر في  20 ماي 2014  (09:37)

مرورا بالمحاكم إلى السّجون والمستشفيات وحتّي المقابر وصولا إلى اللّجوء السياسي خارج الوطن، كلّها مآوي ومحطات لشباب الثّورة الذي تصدّى لرصاص بن علي بصدور وطنية.. فلماذا تخشى الحكومات هذا الجيل الحرّ الذي أثبت بالحجّة والبرهان أنه قادر على الإطاحة بأعتى الأنظمة الدّكتاتورية على غرار نظام بن علي الذي أطاحت به ثورة الشباب في السنة الدولية للشّباب أم أنّها عودة النظام النوفمبري الذي يرفض كل نزعة ثورية؟

بعد دوره التّاريخي في أحداث الثّورة التونسية منذ اندلاعها في سيدي بوزيد يوم السّابع عشر من ديسمبر ألفين وعشرة إلي فترة ما بعد هروب بن علي، يجد الشّاب محمد فاضل اليوم نفسه برتبة مواطن خارج أرضه كلاجئ سياسي في فرنسا حيث غادر تونس منذ تاريخ 24 ديسمبر 2013 .

لم يكن محمّد مخيّر بين مغادرة الوطن من عدمها بل إنّه كان مجبرا خاصّة وأّنه جريح ثورة لكن من المغضوب عليهم على غرار الجريح الذي هجر تونس متجها إلى المملكة المغربية... لم يُنه محمّد مسيرته النّضالية بتاريخ 14 جانفي 2011 بل واصل الطّريق حيث كان أحد المكوّنات الأساسية للنواة الأولى لاعتصام القصبة الأول أما في اعتصام القصبة الثّاني فقد كان المنسق الإعلامي للاعتصام باعتباره من أبرز من جيّشوا الجماهير ليوم الغضب آنذاك...

وفي تصريح لموقع "الجمهورية"، يقول محمّد فاضل أنه وُضع تحت التنصت في تلك الفترة فبمجرّد تواعده مع صحفي قناة الجزيرة "أحمد منصور" للقائه يوم 28 فيفري 2011 أمام المسرح البلدي بغية إجراء حوار تلفزي ، فوجئ أنه وبمجرد دخوله لشارع الحبيب بورقيبة قامت قوات الأمن بإيقافه أمام أعين كلّ من سمير ديلو ومحمد سامي الطريقي عضوا المكتب السياسي للنهضة اللّذان كانا حاضران حيث توجّه الطريقي لأعوان الأمن ليعلمهم بأنّه محمّد لكن الأمنيين لم يكترثوا لذلك وقاموا بمنعه من التحّدث إليهم حتى وصل الأمر إلى دفعه وشتمه...

وحسب ما أكّده لنا محمّد فإنّ الطّريقي توجّه إلي معتصمي القصبة وأعلمهم بما حدث لتصل الأمور إلى المشاحنات مع البوليس ناهيك أنه تمّ إيقاف المنسّق الإعلامي لاعتصامهم الشّي الذي استنكره الإتحاد العام التونسي للشّغل آنذاك وهو نفس السبب الذي جعل المحامين يحتجون بتنفيذهم لحراك احتجاجي في نفس اليوم ليتمّ إخلاء سبيله على السّاعة السّادسة والنّصف مساء بعد أكثر من ست ساعات من الإيقاف.

كما أكّد محمّد لـ"الجمهورية" تعرّضه للتعنيف رفقة عدد كبير من الشباب خلال فترة الإيقاف حيث تمّت حتى محاولة قتله أو إصابته في أماكن حسّاسة. وحسب اعتقاده فإن هذا التصرف كان على خلفية اشارته للأمنيين في تصريحاته التي أصرّ فيها على وضوح تعاونهم مع الميليشيات التي كانت تستهدف المعتصمين بالقصبة.

بعد الفحوصات التي أجراها بمستشفى شارل نيكول تسلّمت المحامية نجاة اليعقوبي شهادته الطّبّية لتتكفّل برفع قضية لكنّها لم تفعل في حين أنّ مضاعفات التعنيف باقية لتتواصل معها فترة العلاج على امتداد سنتين تعكّرت فيها حالة محمّد التي تطلّبت عملية جراحية أجريت في شهر أوت 2013، ومن هنا إنطلقت المعاناة الفعلية لمحمّد حين قام بتقديم ملفّ تضمّن الشّهادة الطّبّية التي تثبت عملّية تعنيفه أثناء فترة الإيقاف مع بعض الوثائق الأخرى، للجنة شهداء وجرحى الثّورة.

في نفس الإطار أكّد محمد فاضل لـ"الجمهورية" أنّه قدّم ملفه رافضا فيه كل التعويضات المادّية لكنّه طالب ببطاقة العلاج والنقل مع ادراج اسمه بقائمة الجرحى لأنه وكما أعرب لنا متخوف من أن تتعكّر حالته الصحيّة أكثر فأكثر.. وأمله الوحيد هو أن يكون محميا بالقانون.

لكن بالرّغم من أنّ سمير ديلو -أثناء اجتماعه مع جمعية الشهداء والجرحى- وعند طرح ملف محمد، قال إنّه كان شاهد على عملية إيقافه يومها وعد بالتّسريع في ملفّه، لكنّ شيئا لم يتغيّر ليصبح الملف من المنسيات أو ربّما حتّى من الأرشيف.

طالت الفترة لكن محمد واصل مسيرته النّضالية ولم توقفه حتى حالته الصحية المتزعزعة لكنّ الأمور تعكّرت أكثر حين أصبح يعاني من صعوبات مادّية نتيجة مصاريف العلاج المرتفعة لتصل الأمور إلى الإضطرابات النفسية التي أصبح يعيشها خاصّة بعد أن أصبح يعاني من مرض السّمنة، لكن الأمر الذي لم يكن في الحسبان والذي قلب الكثير في حياته هو محاولة تصفيته يوم 11 مارس 2013 بالقرب من مقر سكناه آنذاك بسوسة على إثر حملة منظمة من الرابطات على شباب الحراك الثوري في سوسة حسب ما أكّده لنا محمّد.

ففي فترة حكم النّهضة تم استدعائه من قبل فرقة الأبحاث والتفتيش أكثر من مرّة، وتمّ إيقاف شقيقيه لفترة واليوم هو متواجد في فرنسا حيث باشر علاجه في حين يبدو له جليا أنّ عمليّة إقصائه من حقّه كجريح ثورة هي عمليّة استهدفته بها حركة النّهضة باعتبار أنّه لم يكن من الموالين لها...

في خاتمة حوارنا مع اللاجئ السياسي محمد فاضل، قال إنّ كل الحكومات التي تواترت علينا في تونس همّها الوحيد هو استهداف الشّباب النّاشط لاخماد أي نزعة ثورية وطنية ممكن أن تخدم الوطن.

علي العبيدي